كيف حققت الإمارة الإسلامية الأمن في ربوع أفغانستان
- بقلم: عبد الحق حماد
- مسؤول قسم حقوق النشر في وزارة الإعلام
السلام والاستقرار هو المبدأ الأول لازدهار المجتمع وتطوره، والمجتمع الذي يسوده السلام يشعر سكانه بالأمن والهدوء، يطمئنون على أموالهم وأعراضهم وحياة أولادهم، وينتقلون لشتى مجالات الحياة من الصناعة والزراعة والتعليم والتجارة وغيرها من المجالات.
وإذا لم يكن هناك سلام في المجتمع ولم تكن حياة الناس وممتلكاتهم وأعراضهم آمنة، هنا يفكر كل شخص في أمنه الشخصي وتلقي الفوضى ظلها على كافة الجوانب، وتتوقف جميع مجالات الحياة الأساسية.
من هنا يمكننا القول بأن السلام أهم من الطعام والشراب، ولهذا طلب إبراهيم عليه السلام لأهل مكة السلام -الأمن- أولا ثم الرزق.
لا يخفى أن أفغانستان كانت ساحة حروب خطيرة وألعاب استخباراتية مختلفة للقوات الدولية لأكثر من أربعة عقود، قُتل على إثرها الملايين من البشر، وجُرح الملايين، وخلقت أحقاد خطيرة بين الناس؛ ولذلك فإن إحلال السلام في وقت قصير في بلد مثل أفغانستان أقل من يقال عنه أنه معجزة.
إلا أن هناك أسبابًا رئيسية استطاعت الإمارة الإسلامية من خلالها بسط الأمن في ربوع البلاد في وقت قصير بعد توفيق الله ومنها:
١- وحدة الصف
فقد اهتمت الإمارة الإسلامية منذ اليوم الأول بوحدة الصف وإجماع المجاهدين، ولم تسمح لأي جماعة بالقتال ضد الغزاة خارج صفوفها.
ورغم أن العدو حاول كثيرا تقريب صف الإمارة الإسلامية وتقسيمها إلى عدة مجموعات، وكان الحديث عن وجود الصقور والحمائم أو متشددين و معتدلين، وأنفق أموالا باهظة لضرب وحدة حركة طالبان، وتعرضت القيادة لضغوط كبيرة، وقتل آخرون لتمزيق صف الحركة لكن القيادة كانت حكيمة وكانت تدرك أهمية الوحدة والتنسيق.
٢- وجود التشكيل الحكومي قائمًا أثناء فترة الجهاد
عملت الإمارة الإسلامية في فترة مقاومة المحتلين على الحفاظ على صفوفها ومن ناحية أخرى، أنشأت تشكيلة حكومية للبلاد بأكملها، وكانت هناك لجان سياسية واقتصادية ولجان للشؤون الثقافية والصحية وشؤون السجناء، كما كان لكل هيئة تنظيمها الخاص في كل منطقة من البلاد، كما تم تشكيل مجالس فقهية من العلماء في جميع الولايات، وكان العلماء يفصلون في كل مسألة خلافية.
وأيضا تم تدريب الوحدات النظامية والقوات الخاصة في إطار اللجان العسكرية، والتي تم إعدادها لجميع الظروف والمواقف.
وعندما هُزِم المحتلون وعملائهم، قام مسؤولو كل إدارة بواجباتهم وتمت إدارة النظام بأكمله بشكل جيد، وهذا ما حال دون حدوث الفوضى أثناء هزيمة المحتلين، كما ساهم بشكل كبير في استقرار أمن البلاد.
ثالثاً: العفو العام
إن العفو العام هو أحد الأسباب الرئيسية للسلام في أفغانستان. وكما نعرف فإن هذا الموقف لم يتكرر بعد فتح مكة في التاريخ الإسلامي بهذا المستوى.
لقد ارتكب الغزاة وعملاؤهم الفظائع في أفغانستان خلال عقدين ماضيين، بحيث كان من الصعب جدًا نسيانها، والأمر الآخر هو أنه في العديد من المناطق، عين قادة محليين من عملاء الغزاة وقد ارتكبوا جرائم شنيعة و مجازر بشعة حتى ضد أقاربهم ومن الصعب أن ينسى أحد مثل هذ الجرائم، والجميع كان يترقب هذه الفرصة حتى يأخذ بثأره، ولكن بسبب عطف أمير المؤمنين الخاص بالشعب الأفغاني أعلن العفو العام ومنع إراقة الدماء الأفغان على أيدي إخوانهم واتحد الجميع تحت مظلة نظام واحد، وانتهت جميع العداوات السياسية، وساد الجو من الهدوء بسبب العفو.
كانت هذه هي الأسباب الثلاثة الرئيسية التي ضمنت السلام في البلاد وأنقذت أفغانستان من نتائج أربعة عقود من الأزمات والاضطرابات.