كيف تغلب الأفغان على فارق الإمكانات بينهم وبين العدو؟
الأسلحة والذخائر
إن المقاومة المسلحة للشعب الأفغاني المجاهد ضد التحالف الصليبي لم تكن خالية من الصعاب والمشكلات. فقد واجهت المقاومة قوة عالمية مجهزة بأحدث الأسلحة، وذات اقتصاد قوي وإمكانات ضخمة. وفي المقابل، كان الأفغان يعتمدون على توكلهم الصادق بالله، وثقتهم به، ويقينهم بالنصر المحتوم.
إحدى أهم المهام التي واجهتها المقاومة كانت توفير الأسلحة والذخائر، وهو تحدٍ كان لا بد من تجاوزه لضمان استمرار الجهاد. سأذكر هنا بعض الأساليب التي استخدمناها في توفير الوسائل العسكرية.
توفير الأسلحة
في بداية الأمر، كانت الأسلحة الروسية منتشرة بكثرة في أفغانستان، وكانت أسعارها منخفضة جدًا. ووفقًا للتقاليد الأفغانية، كان من يحوز الأسلحة لديه خيارات عدة: إما أن يبيعها لمن يملك المال، أو يشتري الأسلحة لمن لا يملك المال، وأحيانًا كان البعض يعير سلاحه للغير، أو يسلمها للمجاهدين مجانًا.
لفترة طويلة، كان يتم استخدام ثلاثة أنواع من الأسلحة بشكل رئيسي وهي: كلاشينكوف، الرشاش الثقيل، وRPG (الراكت). وكانت هذه الأسلحة مناسبة لطبيعة حرب العصابات، إذ أنها خفيفة وسهلة النقل على المركبات البسيطة.
الاستيلاء على الأسلحة من العدو
مع تطور الأحداث، وعندما قامت القوات الأمريكية بتدريب الجيش والشرطة الأفغانيين، تعاقدت مع شركات أمنية خاصة لتوفير الدعم اللوجستي. هؤلاء العاملون في الشركات الأمنية كانوا يعرفون بـ “سيكورتي”، وكانت مهمتهم نقل المعدات والأسلحة إلى مختلف الولايات، من هرات إلى هلمند وقندهار وغيرها. كان المجاهدون يقومون بنصب الكمائن لقوافل هذه الشركات، وبعد الاشتباكات، يستولون على المعدات والأسلحة والذخائر، ويقومون بتدمير السيارات التي تنقلها.
تطور نوعية الأسلحة
مع تزايد قوة المجاهدين، بدأوا في استخدام أسلحة أثقل، مثل راجمات الـ 82 هاون والـ ZKU-23. هذه الأسلحة كانت تُشترى في البداية من السوق، لكن ذخائرها كانت متوفرة بكثرة في القرى الأفغانية. كان بعض الأهالي يقدمون هذه الذخائر للمجاهدين دون مقابل.
أحد أهم الأساليب التي كانت تقض مضاجع العدو وتحقق نتائج كبيرة هو استخدام القنابل المزروعة على جوانب الطرق. كانت هذه القنابل زهيدة التكلفة، لكنها تُحدث خسائر فادحة. كان المجاهدون يصنعون هذه القنابل بوسائل بدائية جدًا، مستخدمين مواد متاحة في السوق مثل السماد، الزيت، والسكر. كما تم تطوير أنواع أخرى من القنابل باستخدام عشرة أنواع من المواد المتوفرة في السوق.
التكنولوجيا الحديثة
مع استمرار المعارك، تمكن المجاهدون من اغتنام أنواع متعددة من الأسلحة الغربية المتطورة، بما في ذلك المناظير الليلية والأسلحة الليزرية. هذه الأسلحة ساهمت بشكل كبير في تعزيز قوتهم وتهيئة الطريق لتحقيق النصر. ومع تطور وسائل المقاومة، بدأ المجاهدون بشراء أجهزة الليزر الليلية من السوق السوداء، حيث كانت تُصنع في الصين وروسيا. رغم ارتفاع أسعارها في البداية، إلا أنها أصبحت متاحة بأسعار معقولة لاحقًا.
كان من الضروري أن يكون لدى كل فريق من المجاهدين جهاز ليزر ليلي واحد على الأقل. بعض المجاهدين كانوا يبيعون أسلحتهم أو سياراتهم لشراء هذه الأجهزة، إذ لم يكن بالإمكان مهاجمة نقاط مراقبة العدو أو مراكزه دونها.
نقص الدعم وتضحيات المجاهدين
فيما يتعلق بتوزيع الأسلحة من القيادة العليا، يمكنني القول إن ولايتي “فراه” لم تتلق سوى مرتين فقط دعمًا محدودًا جدًا من الأسلحة. في كل مرة، كان نصيب الكتيبة سلاحًا واحدًا فقط. خلال فترة الجهاد بأكملها، تلقت كتيبتي مرتين دعمًا من القيادة: في المرة الأولى حصلنا على سلاح يحتوي على 20 طلقة فقط، وفي المرة الثانية كان نصيبنا كلاشينكوف واحد. أما باقي الأسلحة، فقد تحصلنا عليها إما عن طريق الشراء من أموالنا الخاصة أو عن طريق الاستيلاء عليها من العدو.
الخاتمة
باختصار، المقاومة الأفغانية اعتمدت بشكل كبير على ما كان متاحًا من أسلحة، سواء عن طريق الشراء أو الغنائم من العدو. هذه الجهود المستمرة، والدعم من الأهالي، والتكيف مع الظروف الصعبة، كانت عناصر أساسية في تعزيز قوة المجاهدين وتحقيق النصر في نهاية المطاف.